الاثنين، 30 مارس 2009

شيخ الأزهر يجيز نقل الأعضاء من المحكوم عليهم بالإعدام دون إذن

شيخ الأزهر يجيز نقل الأعضاء من المحكوم عليهم بالإعدام دون إذن

أنطلقت أمس فعاليات مؤتمر مجمع البحوث الإسلامية الثالث عشر، بحضور لفيف من العلماء يأتي على رأسهم الدكتور محمد سيد طنطاوي رئيس المجمع و د. يوسف القرضاوي رئيس اتحاد علماء المسلمين والشيخ محمد رشيد قباني مفتي لبنان

11.03.2009 18:26

وناقش مجمع البحوث الإسلامية فى جلسته الافتتاحية أمس قضية نقل الأعضاء البشرية حيث شهدت الجلسة ثلاثة أبحاث قدمها كل من د.محمد سيد طنطاوى ود.يوسف القرضاوى ود.إبراهيم بدران عميد كلية الطب بجامعة الأزهر السابق،

وأيد كل منهم إباحة زرع الأعضاء، سواء بين الأحياء أو الأموات إلى الأحياء.
وأكد شيخ الأزهر الدكتور محمد سيد طنطاوي أن بيع الإنسان لأعضائه باطل شرعا باعتبار أنها ليست خاضعة لملكيته الشخصية ولاتدخل تحت مسمى السلعة التجارية المتصرف فيه بالبيع والشراء.
و أكد طنطاوى جواز نقل أعضاء بشرية من المحكوم عليه بالإعدام فى جرائم القتل العمد وهتك العرض ، وذلك بعد تنفيذ حكم الإعدام فيه وإستمرار الحياة بعد ذلك وفق إقرار الأطباء ذوى الثقة،

وأضاف - فى تصريحاته للصحفيين على هامش أعمال مؤتمر المجمع حول نقل الأعضاء البشرية - أن من نفذ فيه حكم بالاعدام ليس له حق فى أن يكون له ولاية على جسده شرعا بعد إعدامه فى تلك القضايا وتصدق تنفيذ الحكم عليه ، وعلى أن يكون ذلك النقل لإنقاذ حياة مريض وبدون مقابل أو موافقة من أهله .
ومن جانبه أبدى القرضاوي إستياه من طوال الجدل وعدم التوصل إلى رأي حاسم في هذا الموضوع، على الرغم من كونه محسوما حتى في السعويدة أكثر الدول تشددا ووقوفا عند النصوص منذ
14 سنة.
واضاف أن الموت لم يرد بخصوصه نص شرعي ، وبالتالي فالحكم هنا للفقيه والمفتي يكون بالخبرات المتغيرة من عصر إلى عصر أو بيئة لبيئة .
وعلى الجانب الطبي أوضح الدكتور حمدي السيد نقيب الأطباء المصريين في كلمته أمام المؤتمر الذي دعى إليه،أن مصر هي الدولة الإسلامية الوحيدة التي تعطل فيها تشريع يسمح بالنقل من الأموات إلى الأحياء حتى الآن .

وقال إن المعاناة شديدة خاصة لمرضى الكبد في مصر، وأن وجود تشريع سيحل مشكلة البيع التي تتم في غفلة ودون رقابة، وأضاف أن الفيصل في قضية الوفاة في إجراء ما يسمى باختبار التنفس، أما استمرار النبض فهذا يحدث في تجارب كثيرة بعد موت جذع المخ ووضع الجسد على جهاز التنفس .
وكان من المقرر أن يدور المؤتمر الذي يستمر على مدار يومي
10 و 11 من مارس، حول موضوعين رئيسين، هما: "زراعة الأعضاء" و"المذاهب الإسلامية ودورها في توحيد الأمة"، إلا أن الأخيرة تم تأجليها للعام القادم، لأخذ خطوة حاسمة تجاه القضية الأولى .
محيط

الدعاء

الدعاء

بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وأصحابه أجمعين

الدعاء هو الرغبة إلى الله عز وجل، واستدعاء العبد ربه عز وجل العناية، واستمداده منه المعونة، وحقيقته: إظهار الافتقار إلى الله تعالى، والتبرؤ من الحول والقوة، وهو سمة العبودية، واستشعار الذلة البشرية، وفيه معنى الثناء على الله عز وجل، وإضافة الجود والكرم إليه.

وعجيب وجميل أن يذكر الدعاء وسط الكلام عن الصيام وأحكامه، قال تعالى: {وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون} (البقرة: 186).

وهذا التفات عن خطاب المؤمنين كافة بأحكام الصيام إلى خطاب الرسول صلى الله عليه وسلم بأن يذكرهم ويعلمهم ما يراعونه في هذه العبادة وغيرها من الطاعة والإخلاص، والتوجه إليه وحده بالدعاء الذي يعدهم للهدى والرشاد.

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من لم يسأل الله يغضب عليه"، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أفضل العبادة الدعاء".

وعن النعمان بن بشير عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (الدعاء هو العبادة "قال ربكم ادعوني أستجب لكم")، وقال صلى الله عليه وسلم: "إن أبخل الناس من بخل بالسلام، وأعجز الناس من عجز عن الدعاء"، وعن سلمان قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (لا يرد القضاء إلا الدعاء ولا يزيد في العمر إلا البر).

وعند أحمد والبزار وأبي يعلى بأسانيد جيدة، عن أبي سعيد أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "ما من مسلم يدعو بدعوة ليس فيها إثم ولا قطيعة رحم إلا أعطاه الله بها إحدى ثلاث إما أن تعجل له دعوته وإما أن يدخرها له في الآخرة وإما أن يصرف عنه من السوء مثلها". قالوا: إذا نكثر. قال: "الله أكثر".

وقال صلى الله عليه وسلم: "ما على الأرض مسلم يدعو الله بدعوة إلا آتاه الله إياها أو صرف عنه من السوء مثلها ما لم يدع بمأثم أو قطيعة رحم"، وقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "إن الله يقول: أنا عند ظن عبدي بي وأنا معه إذا دعاني".

آداب الدعاء

الأول: أن يتحين الأوقات والأحوال الشريفة، مثل:

1- جوف الليل: قال صلى الله عليه وسلم: "أقرب ما يكون الرب من العبد في جوف الليل الآخر فإن استطعت أن تكون ممن يذكر الله في تلك الساعة فكن".

وعن جابر أنه قال إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "إن من الليل ساعة لا يوافقها عبد مسلم يسأل الله خيرا إلا أعطاه"، وزاد الأمام أحمد: "وهي كل ليلة".

2- في السجود: قال صلى الله عليه وسلم: "وأما السجود فاجتهدوا في الدعاء فقمن أن يستجاب لكم".

3- عند الأذان: قال صلى الله عليه وسلم: "إذا نادى المنادي فتحت أبواب السماء واستجيب الدعاء".

4- بين الأذان والإقامة: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الدعاء بين الأذان والإقامة مستجاب؛ فادعو".

5- عند لقاء العدو: عن سهل بن سعد قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "ثنتان لا تردان أو قلما تردان: الدعاء عند النداء وعند البأس حين يلحم بعضهم بعضا".

6- عند نزول المطر: وعن سهل بن سعد عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "ووقت المطر".

7- آخر ساعة من نهار الجمعة: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "يوم الجمعة اثنتا عشرة ساعة لا يوجد عبد مسلم يسأل الله شيئا إلا آتاه الله إياه، فالتمسوها آخر الساعة بعد العصر".

8- دعاء الأخ لأخيه بظهر الغيب: في صحيح مسلم عن أبى الدرداء قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "ما من عبد مسلم يدعو لأخيه بظهر الغيب إلا قال الملك ولك بمثل". وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "دعاء الأخ لأخيه بظهر الغيب لا يرد".

9- أن يبيت على ذكر فيتعار من الليل فيدعو: عن معاذ بن جبل عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "ما من مسلم يبيت على ذكر طاهرا فيتعار من الليل فيسأل الله خيرا من الدنيا والآخرة إلا أعطاه إياه". ودعوة الصائم ودعوة المسافر...

10- عدم العجلة: عن أبى هريرة أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "يستجاب لأحدكم ما لم يعجل فيقول: قد دعوت فلا أو فلم يستجب لي".

الثاني: أن يدعو مستقبل القبلة ويرفع يديه:

عن سلمان الفارسي عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "إن الله حيى كريم يستحى إذا رفع الرجل إليه يديه أن يردهما صفرا خائبتين".

الثالث: خفض الصوت بين المخافتة والجهر:

وعن عائشة -رضي الله عنها- في قوله تعالى: {ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها}، أي: بدعائك، وقال صلى الله عليه وسلم: "يا أيها الناس إن الذي تدعون ليس بأصم ولا غائب"، وقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "إن ربكم ليس بأصم ولا غائب هو بينكم وبين رءوس رحالكم".

الرابع: عدم الاعتداء في الدعاء:

قال تعالى: {ادعوا ربكم تضرعا وخفية إنه لا يحب المعتدين} (الأعراف: 55)، والاعتداء فيه، كالدعاء بتعجيل العقوبة، أو الدعاء بالممتنع عادة أو عقلا أو شرعا، أو الدعاء في أمر قد فرغ منه، أو الدعاء بالإثم وقطيعة الرحم.

الخامس: التضرع والخشوع والرغبة والرهبة:

قال تعالى: {ادعوا ربكم تضرعا وخفية} (الأعراف:55)، وقال تعالى:{إنهم كانوا يسارعون في الخيرات ويدعوننا رغبا ورهبا وكانوا لنا خاشعين} (لأنبياء:90).

السادس: أن يجزم بالدعاء ويوقن بالإجابة ويصدق رجاءه فيه:

عن أبى هريرة قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة واعلموا أن الله لا يستجيب دعاء من قلب غافل لاه"، وقال صلى الله عليه وسلم: "إذا دعا أحدكم فلا يقل اللهم اغفر لي إن شئت ولكن ليعزم المسألة وليعظم الرغبة فإن الله لا يتعاظمه شيء أعطاه".

قال سفيان ابن عيينة: لا يمنعن أحدكم من الدعاء ما يعلم من نفسه فإن الله عز وجل أجاب دعاء شر الخلق إبليس لعنه الله: {قال رب فأنظرني إلى يوم يبعثون* قال فإنك من المنظرين} (الحجر:36-37).

السابع: أن يلح في الدعاء، ويعظم المسألة ويكرر الدعاء ثلاثا:

قال ابن مسعود: كان إذا دعا دعا ثلاثا. وإذا سأل سأل ثلاثا. وقال صلى الله عليه وسلم: "إذا سأل أحدكم فليكثر؛ فإنما يسأل ربه".

الثامن: أن يفتتح الدعاء بذكر الله والثناء عليه، وأن يختمه بالصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم.

التاسع: وهو الأدب الباطن وهو الأصل في الإجابة:

"التوبة، ورد المظالم، والإقبال على الله عز وجل بكنه الهمة؛ فذلك هو السبب القريب في الإجابة".

وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال: إني لا أحمل هم الإجابة ولكن هم الدعاء، فإذا ألهمت الدعاء فإن الإجابة معه، وعنه رضي الله عنه قال: بالورع عما حرم الله يقبل الله الدعاء والتسبيح. وعن عبد الله بن مسعود قال: إن الله لا يقبل إلا الناخلة من الدعاء، إن الله تعالى لا يقبل من مسمع، ولا مراء، ولا لاعب، ولا لاه، إلا من دعا ثبت القلب.

وعن أبي الدرداء قال: ادع الله في يوم سرائك، لعله يستجيب لك في يوم ضرائك، وعن الحسن أن أبا الدرداء كان يقول: جدوا بالدعاء، فإنه من يكثر قرع الباب يوشك أن يفتح له. وعن حذيفة قال: ليأتين على الناس زمان لا ينجو فيه إلا من دعا بدعاء كدعاء الغريق.

وينبغي للداعي أن يحذر من بعض الأخطاء في الدعاء فمن ذلك:

1- الدعاء على الأهل والمال والنفس، فعن جابر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تدعوا على أنفسكم، ولا تدعوا على أولادكم، ولا تدعوا على أموالكم، لا توافقوا من الله ساعة يسأل فيها عطاء فيستجيب لكم" رواه مسلم.

2- رفع الصوت بالدعاء لقوله تعالى: {ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها وابتغ بين ذالك سبيلا} (الإسراء:110)، والمقصود: الدعاء.

3- تكلف السجع في الدعاء، قال ابن عباس رضي الله عنهما: وانظر السجع من الدعاء فاجتنبه، فإني عهدت أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يفعلون إلا ذلك. يعني لا يفعلون إلا ذلك الاجتناب. أخرجه البخاري.

4- الاعتداء فيه، كالدعاء بتعجيل العقوبة، أو الدعاء بالممتنع عادة أو عقلا أو شرعا، أو الدعاء في أمر قد فرغ منه، أو الدعاء بالإثم وقطيعة الرحم.

5- الاستثناء فيه، أي تعليق الدعاء بمشيئة الله تعالى، مثل أن يقول:

اللهم اغفر لي إن شئت

الشيخ سلمان العودة

الحديث التاسع عشر : احفظ الله يحفظك

الحديث التاسع عشر : احفظ الله يحفظك

بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وأصحابه أجمعين

عن أبي العباس عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال :

" كنت خلف النبي صلى الله عليه وسلم يوما ، فقال : ( يا غلام ، إني أُعلمك كلمات : احفظ الله يحفظك ، احفظ الله تجده تجاهك ، إذا سأَلت فاسأَل الله ، وإذا استعنت فاستعن بالله ، واعلم أن الأُمة لو اجتمعت على أَن ينفعـوك بشيء ، لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك ، وإن اجتمعوا على أن يضروك بشيء ، لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك، رفعت الأقلام وجفت الصحف ) . رواه الترمذي وقال :" حديث حسن صحيح ".

وفي رواية الإمام أحمد : ( احفظ الله تجده أَمامك ، تعرف إلى الله في الرخاء يعرفك فـي الشدة ، واعلم أَن ما أَخطأَك لم يكن ليصيبك ، وما أَصابك لم يكن ليخطئك ، واعلم أَن النصر مع الصبر ، وأن الفرج مع الكرب ، وأن مع العسرِ يسرا ) .

الشرح

اصطفى الله تعالى هذه الأمة من بين سائر الأمم ، ليكتب لها التمكين في الأرض ، وهذا المستوى الرفيع لا يتحقق إلا بوجود تربية إيمانية جادة تؤهلها لمواجهة الصعوبات التي قد تعتريها ، والأعاصير التي قد تحيق بها ، في سبيل نشر هذا الدين ، وإقامة شرع الله في الأرض .

ومن هذا المنطلق ، حرص النبي صلى الله عليه وسلم على غرس العقيدة في النفوس المؤمنة ، وأولى اهتماما خاصا للشباب ، ولا عجب في ذلك! ، فهم اللبنات القوية والسواعد الفتية التي يعوّل عليها نصرة هذا الدين ، وتحمّل أعباء الدعوة .

وفي الحديث الذي نتناوله ، مثال حيّ على هذه التنشئة الإسلامية الفريدة ، للأجيال المؤمنة في عهد النبوة ، بما يحتويه هذا المثال على وصايا عظيمة ، وقواعد مهمة ، لا غنى للمسلم عنها .

وأولى الوصايا التي احتواها هذا الحديث ، قوله صلى الله عليه وسلم : ( احفظ الله يحفظك ، احفظ الله تجده تجاهك ) ، إنها وصية جامعة ترشد المؤمن بأن يراعي حقوق الله تعالى ، ويلتزم بأوامره ، ويقف عند حدود الشرع فلا يتعداه ، ويمنع جوارحه من استخدامها في غير ما خلقت له ، فإذا قام بذلك كان الجزاء من جنس العمل ، مصداقا لما أخبرنا الله تعالى في كتابه حيث قال : { وأوفوا بعهدي أوف بعهدكم } ( البقرة : 40 ) ، وقال أيضا : { فاذكروني أذكركم } ( البقرة : 152 ) .

وهذا الحفظ الذي وعد الله به من اتقاه يقع على نوعين :

الأول : حفظ الله سبحانه وتعالى لعبده في دنياه ، فيحفظه في بدنه وماله وأهله ، ويوكّل له من الملائكة من يتولون حفظه ورعايته ، كما قال تعالى : { له معقبات من بين يديه ومن خلفه يحفظونه من أمر الله } ( الرعد : 11 ) أي : بأمره ، وهو عين ما كان يدعو به النبي صلى الله عليه وسلم كل صباح ومساء : ( اللهم إني أسألك العفو والعافية ، في ديني ودنياي وآخرتي وأهلي ومالي، اللهم استر عوراتي وآمن روعاتي، اللهم احفظني من بين يدي ومن خلفي، وعن يميني وعن شمالي، وأعوذ بعظمتك أن أغتال من تحتي ) رواه أبو داوود و ابن ماجة ، وبهذا الحفظ أنقذ الله سبحانه وتعالى إبراهيم عليه السلام من النار ، وأخرج يوسف عليه السلام من الجبّ ، وحمى موسى عليه السلام من الغرق وهو رضيع ، وتتسع حدود هذا الحفظ لتشمل حفظ المرء في ذريّته بعد موته ، كما قال سعيد بن المسيب لولده : " لأزيدن في صلاتي من أجلك رجاء أن أُحفظ فيك " ، وتلا قوله تعالى : { وكان أبوهما صالحا } ( الكهف : 82 ) .

الثاني : حفظ الله للعبد في دينه ، فيحميه من مضلات الفتن ، وأمواج الشهوات ، ولعل خير ما نستحضره في هذا المقام : حفظ الله تعالى لدين يوسف عليه السلام ، على الرغم من الفتنة العظيمة التي أحاطت به وكادت له ، يقول الله تعالى في ذلك : { كذلك لنصرف عنه السوء والفحشاء إنه من عبادنا المخلصين } ( يوسف : 24 ) ، وتستمر هذه الرعاية للعبد حتى يلقى ربّه مؤمنا موحدا .

ولكن الفوز بهذا الموعود العظيم يتطلب من المسلم إقبالا حقيقيا على الدين ، واجتهادا في التقرب إلى الله عزوجل ، ودوام الاتصال به في الخلوات ، وهذا هو المقصود من قوله صلى الله عليه وسلم في الرواية الثانية لهذا الحديث : ( تعرّف إلى الله في الرخاء ، يعرِفك فـي الشدة ) ، فمن اتقى ربه حال الرخاء ، وقاه الله حال الشدّة والبلاء .

ثم انتقل الحديث إلى جانب مهم من جوانب العقيدة ، ويتمثّل ذلك في قوله صلى الله عليه وسلم لابن عباس : ( إذا سأَلت فاسأَل الله ) ، وسؤال الله تعالى والتوجه إليه بالدعاء من أبرز مظاهر العبوديّة والافتقار إليه ، بل هو العبادة كلها كما جاء في الحديث : ( الدعاء هو العبادة ) ، وقد أثنى الله على عباده المؤمنين في كتابه العزيز فقال : { إنهم كانوا يسارعون في الخيرات ويدعوننا رغبا ورهبا وكانوا لنا خاشعين } ( الأنبياء : 90 ).

وإن من تمام هذه العبادة ترك سؤال الناس ، فإن في سؤالهم تذلل لهم ومهانة للنفس ، ولا يسلم سؤالهم من منّة أو جرح للمشاعر ، أو نيل من الكرامة ، كما قال طاووس لعطاء رحمهما الله : " إياك أن تطلب حوائجك إلى من أغلق دونك بابه ، وجعل دونك حجابه ، وعليك بمن بابه مفتوح إلى يوم القيامة، أمرك أن تسأله ، ووعدك أن يجيبك " ، وصدق أبو العتاهية إذ قال :

لا تسألن بني آدم حاجـة وسل الذي أبوابه لا تُحجب
فاجعل سؤالك للإله فإنمـا في فضل نعمة ربنـا تتقلب

وقد أثنى الله على عباده المتعففين فقال : { للفقراء الذين أحصروا في سبيل الله لا يستطيعون ضربا في الأرض يحسبهم الجاهل أغنياء من التعفف تعرفهم بسيماهم لا يسألون الناس إلحافا } ( البقرة : 273 ) ، وقد بايع النبي صلى الله عليه وسلم رهطا من أصحابه على ترك سؤال الناس ، وكان منهم أبوبكر الصديق و أبو ذر الغفاري و ثوبان رضي الله عنهم أجمعين ، فامتثلوا لذلك جميعا ، حتى إن أحدهم إذا سقط منه سوطه أو خطام ناقته لا يسأل أحدا أن يأتي به .

إن ما سبق ذكره من الثناء على المتعفّفين إنما هو متوجه لمن تعفّف عن سؤال الناس فيما يقدرون عليه ، وما يملكون فعله ، أما ما يفعله بعض الجهلة من اللجوء إلى الأولياء والصالحين الأحياء منهم أو الأموات ، ليسألونهم ويطلبون منهم أعمالاً خارجةً عن نطاق قدرتهم ، فهذا صرفٌ للعبادة لغير الله عزوجل ، وبالتالي فهو داخل تحت طائلة الشرك .

وفي قوله : ( وإذا استعنت فاستعن بالله ) أمر بطلب العون من الله تعالى دون غيره ، لأن العبد من شأنه الحاجة إلى من يعينه في أمور معاشه ومعاده ، ومصالح دنياه وآخرته ، وليس يقدر على ذلك إلا الحي القيوم ، الذي بيده خزائن السموات والأرض ، فمن أعانه الله فلا خاذل له ، ومن خذله الله فلن تجد له معينا ونصيرا ، قال تعالى : { إن ينصركم الله فلا غالب لكم وإن يخذلكم فمن ذا الذي ينصركم من بعده } ( آل عمران : 160 ) ، ولهذا المعنى كان النبي صلى الله عليه وسلم يكثر من قول : ( اللهم أعني ولا تعن علي) ، وأمر معاذا رضي الله عنه ، ألا يدع في دبر كل صلاة أن يقول ( اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك ) رواه النسائي وأبو داود .

وإذا قويت استعانة العبد بربّه ، فإن من شأنها أن تعمّق إيمانه بقضاء الله وقدره ، والاعتماد عليه في كل شؤونه وأحواله ، وعندها لا يبالي بما يكيد له أعداؤه ، ويوقن أن الخلق كلهم لن ينفعوه بشيء لم يكتبه الله له ، ولن يستطيعوا أن يضرّوه بشيء لم يُقدّر عليه ، ولم يُكتب في علم الله ، كما قال سبحانه : { ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتاب من قبل أن نبرأها إن ذلك على الله يسير } ( الحديد : 22 ) .

ولما وعى سلفنا الصالح هذه الوصية ، أورثهم ذلك ثباتا في العزيمة ، وتفانيا في نشر هذا الدين ، غير مبالين بالصعوبات التي تواجههم ، والآلام التي تعتريهم ، لأنهم علموا أن طريق التمكين إنما يكون بالعمل بهذه الوصية النبوية ، وأن الفرج يأتي من بعد الكرب ، وأن العسر يعقبه اليسر ، وهذا هو الطريق الذي سلكه أنبياء الله جميعا عليهم السلام ، فما كُتب النصر ل نوح عليه السلام ، إلا بعد سلسلة طويلة من الجهاد مع قومه ، والصبر على أذاهم ، وما أنجى الله نبيه يونس عليه السلام من بطن الحوت ، إلا بعد معاناة طويلة عاشها مستغفرا لربّه ، راجيا فرجه ، معتمدا عليه في كل شؤونه ، حتى انكشفت غمّته ، وأنقذه من بلائه ومحنته ، وهكذا يكون النصر مرهونا بالصبر على البلاء والامتحان .

إننا نستوحي من هذا الحديث معالم مهمة ، ووصايا عظيمة ، من عمل بها ، كتبت له النجاة ، واستنارت له عتبات الطريق ، فما أحوجنا إلى أن نتبصّر كلام نبينا صلى الله عليه وسلم وتوجيهاته ، ونستلهم منها الحلول الناجعة لمشكلات الحياة ، ونجعلها السبيل الأوحد للنهضة بالأمة نحو واجباتها .

البرّ حسن الخلق

البرّ حسن الخلق

بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وأصحابه أجمعين

عن النواس بن سمعان رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :

( البرّ حسن الخلق ، والإثم ما حاك في نفسك ، وكرهت أن يطلع عليه الناس ) رواه مسلم .

وعن وابصة بن معبد رضي الله عنه قال :

أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : ( جئت تسأل عن البرّ ؟ ) ، قلت : نعم ، فقال : ( استفت قلبك ، البرّ ما اطمأنت إليه النفس واطمأن إليه القلب ، والإثم ما حاك في النفس وتردد في الصدر ، وإن أفتاك المفتون )

حديث حسن رُويناه في مسندي الإمامين : أحمد بن حنبل ، و الدارمي بإسناد حسن .

الشرح :

تكمن عظمة هذا الدين في تشريعاته الدقيقة التي تنظم حياة الناس وتعالج مشكلاتهم ، ومن طبيعة هذا المنهج الرباني أنه يشتمل على قواعد وأسس تحدد موقف الناس تجاه كل ما هو موجود في الحياة ، فمن جهة : أباح الله للناس الطيبات ، وعرفهم بكل ما هو خير لهم ، وفي المقابل : حرّم عليهم الخبائث ، ونهاهم عن الاقتراب منها ، وجعل لهم من الخير ما يغنيهم عن الحرام .

وإذا كان الله تعالى قد أمر عباده المؤمنين باتباع الشريعة والتزام أحكامها ، فإن أول هذا الطريق ولبّه : تمييز ما يحبه الله من غيره ، ومعرفة المعيار الدقيق الواضح في ذلك ، وفي ظل هذه الحاجة : أورد الإمام النووي هذين الحديثين الذين اشتملا على تعريف البر والإثم ، وتوضيح علامات كلٍ منهما .

فأما البر : فهي اللفظة الجامعة التي ينطوي تحتها كل أفعال الخير وخصاله ، وجاء تفسيره في الحديث الأول بأنه حسن الخلق ، وعُبّر عنه في حديث وابصة بأنه ما اطمأنت إليه النفس واطمأن إليه القلب ، وهذا الاختلاف في تفسيره لبيان أنواعه .

فالبرّ مع الخَلْق إنما يكون بالإحسان في معاملتهم ، وذلك قوله :

( البرّ حسن الخلق ) ، وحسن الخلق هو بذل الندى، وكف الأذى ، والعفو عن المسيء والتواصل معهم بالمعروف ،كما قال ابن عمر رضي الله عنه : " البرّ شيء هيّن :وجه طليق ،وكلام ليّن " .

وأما البر مع الخالق فهو يشمل جميع أنواع الطاعات الظاهرة والباطنة ، كما قال الله تعالى في كتابه : { ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب ولكن البر من آمن بالله واليوم الآخر والملائكة والكتاب والنبيين وآتى المال على حبه ذوي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل والسائلين وفي الرقاب وأقام الصلاة وآتى الزكاة والموفون بعهدهم إذا عاهدوا والصابرين في البأساء والضراء وحين البأس أولئك الذين صدقوا وأولئك هم المتقون } ( البقرة : 177 ) ،

فيُطلق على العبد بأنه من الأبرار إذا امتثل تلك الأوامر ، ووقف عند حدود الله وشرعه .

ثم عرّف النبي صلى الله عليه وسلم الإثم بقوله : ( والإثم ما حاك في نفسك ، وكرهت أن يطلع عليه الناس ) ، فجعل للإثم علامتين : علامة ظاهرة ، وعلامة باطنة .

فأما العلامة الباطنة : فهي ما يشعر به المرء من قلق واضطراب في نفسه عند ممارسة هذا الفعل ، وما يحصل له من التردد في ارتكابه ، فهذا دليل على أنه إثم في الغالب .وعلامته الظاهرية : أن تكره أن يطلع على هذا الفعل الأفاضل من الناس ، والصالحون منهم ، بحيث يكون الباعث على هذه الكراهية الدين ، لامجرّد الكراهية العادية ، وفي هذا المعنى يقول ابن مسعود رضي الله عنه : " ما رآه المسلمون حسنا فهو عند الله حسن ، وما رأوه سيئا فهو عند الله سيئ " .

وإرجاع الأمر إلى طمأنينة النفس أو اضطرابها يدل على أن الله سبحانه وتعالى قد فطر عباده على السكون إلى الحق والطمأنينة إليه ، وتلك الحساسية المرهفة والنظرة الدقيقة إنما هي للقلوب المؤمنة التي لم تطمسها ظلمات المعصية ورغبات النفس الأمارة بالسوء .

ولكن هل كل ما حاك في الصدر ، وتردد في النفس ، يجب طرحه والابتعاد عنه ؟ وهل يأثم من عمل به ، أم أن المسألة فيها تفصيل ؟

إن هذه المسألة لها ثلاث حالات ، وبيانها فيما يلي :

الحالة الأولى : إذا حاك في النفس أن أمرا ما منكر وإثم ، ثم جاءت الفتوى المبنيّة على الأدلة من الكتاب والسنة بأنه إثم ، فهذا الأمر منكر وإثم ، لا شك في ذلك .

الحالة الثانية : إذا حاك في الصدر أن هذا الأمر إثم ، وجاءت الفتوى بأنه جائز ، لكن كانت تلك الفتوى غير مبنيّة على دليل واضح من الكتاب أو السنة ، فإن من الورع أن يترك الإنسان هذا الأمر ، وهذا هو معنى قوله صلى الله عليه وسلم : ( وإن أفتاك الناس وأفتوك ) ، أي : حتى وإن رخّصوا لك في هذا الفعل ، فإن من الورع تركه لأجل ما حاك في الصدر ، لكن إن كانت الفتوى بأن ذلك الأمر جائز مبنية على أدلة واضحة ، فيسع الإنسان ترك هذا الأمر لأجل الورع ، لكن لا يفتي هو بتحريمه ، أو يلزم الناس بتركه .

وقد تكون الفتوى بأن ذلك الأمر ليس جائزا فحسب ، بل هو واجب من الواجبات ، وحينئذٍ لا يسع المسلم إلا ترك ما حاك في صدره ، والتزام هذا الواجب ، ويكون ما حاك في الصدر حينئذٍ من وسوسة الشيطان وكيده ، ولهذا لما أمر النبي صلى الله عليه وسلم الصحابة في صلح الحديبية بأن يحلّوا من إحرامهم ويحلقوا ، ترددوا في ذلك ابتداءً ، وحاك في صدورهم عدم القيام بذلك ، لكن لم يكن لهم من طاعة الله ورسوله بد ، فتركوا ما في نفوسهم ، والتزموا أمر نبيهم صلى الله عليه وسلم .

ومثل ذلك إذا كان الإنسان موسوسا ، يظن ويشكّ في كلّ أمر أنّه منكر ومحرّم ، فإنه حينئذٍ لا يلتفت إلى الوساوس والأوهام ، بل يلتزم قول أهل العلم وفتواهم .

الحالة الثالثة : إذا لم يكن في الصدر شك أو ريبة أو اضطراب في أمرٍ ما ، فالواجب حينئذٍ أن يتّبع الإنسان قول أهل العلم فيما يحلّ ويحرم ؛ عملا بقوله تعالى :

{ فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون } ( الأنبياء : 7 ) .

إن تعامل الإنسان المسلم مع ما يمر به من المسائل على هذا النحو ، ليدل دلالة واضحة على عظمة هذا الدين ، فقد حرص على إذكاء معاني المراقبة لله في كل الأحوال ، وتنمية وازع الورع في النفس البشرية ، وبذك يتحقق معنى الإحسان في عبادة الله تعالى .

ألا بذكر الله تطمئن القلوب

ألا بذكر الله تطمئن القلوب

بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وأصحابه أجمعين

تبقى هدفاً ومقصداً تهفو إليه القلوب وترنو إليه النفوس باشتياق وتوق..

تسير في دروب الحياة باحثة عنها وتطرق أبواباً كثيرة طلباً لها..وقد يمر قطار العمر بكل محطاته وتشارف الرحلة على نهايتها ولما تحط الرحال في محطتها...

وتشق السفينة عباب بحر الحياة المتلاطم وقد تتحطم أخشابها على صخور الألم ولم ترس بعد على ذلك الشاطئ الآمن..

إنها السعادة....

تلك الدرة الكامنة في أعماق صدفات خفية قلّ مكتشفوها والواصلون إليها وخدع ببريق الزائف منها كثيرون.....

السعادة..

تلك التي لاحت لنفوس ظامئة كسراب وسط الصحراء تقطعت الأنفاس في سبيل الوصول إليه فإذا ما بلغته لم تجد إلا الرمال الحارقة تملؤ كفيها...

إنها قبلة القلوب في كل زمان ومكان ,ولكن أنى السبيل إليها؟؟؟؟

تبدو لنا شيئاً كالنور يصافح الروح ويمتزج بها,نحسه ...

ولا نستطيع الإمساك به..

وتبقى النفس في تيهها تنتقل بين الدروب وتجرب مختلف الوسائل ولا تعود من ذلك كله إلا بمزيد من التيه والحيرة والألم..

بحثت عنها في أسباب الحياة المادية وإشباع كل غريزة ورغبة فما عاد عليها هذا الإسراف إلا بمزيد من الآفات والآلام تسري في كيانها وتهدم قوة الجسد الذي هو مستقرها في هذه الحياة الدنيا..

وصرنا نجد أكثر الأمم تقدماً في الحياة المادية أعلاها في نسبة الانتحار..

فأين الحل؟؟؟؟

إن الإنسان مزيج معجز من جسد وروح لكل خصائصه واحتياجاته وغذاؤه,فالروح لا ترضيها الحياة المادية مهما عظم ترفها,والله سبحانه وتعالى شاء أن يضع للتمتع البشري حدوداً فإذا سارت النفس وفقه حصلت على المتعة الطيبة المبهجة ونأت عن كل ضرر أما إن أطلقت لأهوائها العنان فسيقودها ذلك لمتعة لحظة تخلف وراءها معاناة وندماً في الدنيا والآخرة...

أما السعادة الحقة في الدارين فهي تلك الطمأنينة التي يهبها الله لعباده الطائعين المتقين والنفس المطمئنة هي نفس تطمئن إلى قول الله وعدله وتعرف يقيناً أن وعده حق وقوله صدق.. فلا تخشى شيئاً لثقتها أنها اختارت الطريق الصحيح,وتعلم أن الله ولي الذين آمنوا يحبهم ويدافع عنهم وقضاؤه فيهم دوماً خير... هي نفس تطمئن إلى عدل الله ويبقى لجوؤها له وحده فلا يرهبها ظلم ظالم مهما اشتد..

هي نفس تثق في قدرة الله وقوته..تستشعر قربه ومعيته..فالله معها يسمعها ويراها ويكلؤها بعنايته ويكنفها بستره ويستجيب دعاءها.. إذا ألمّ بها الخوف تسكن إلى ربها واثقة به متوكلة عليه.. وإن خالطها الحزن تجد في التذلل بين يديه ما يخفف عنها ويمسح ألمها.. وإن انتابها القلق تهدأ بذكره تثبت بعد اضطراب فيجتمع شملها ويلم شعثها..

وإن آذاها أعداؤها أو مسها طائف من الشيطان اعتصمت بربها ولجأت إلى بابه مؤمنة أنه سبحانه برحمته سيحميها ويحفظها..

أما إذا غلبها الهوى وزلت بها القدم لضعفها سارعت بالإياب إليه منكسرة حزينة وجلة نادمة تسأله العفو والغفران...هي نفس تحيا بحب الله ويضبط إيقاع حياتها الإخلاص له وحده,ولا ترى في الوجود إلا مظاهر عظمته وبديع صنعه.. وعندما تنتهي بها رحلة الحياة تنال أعظم بشرى من ربها

بسم الله الرحمن الرحيم

يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي إلى ربك راضية مرضية

فادخلي في عبادي وادخلي جنتي

اللهم هب لنا نفوساً مطمئنة واجعل خير أيامنا يوم نلقاك فيه

د.غالية الإمام

صيدلانية

سوريا